المَدُّ في اللغة التطويل والإكثار، والزيادة، ومنه قوله تعالى : " يُمْدِدْكُمْ ربُّكُمْ " " أَنِّي مُمِدُّ كُمْ " والقصر: في اللغة الحبس، والمنع، ومنه قوله تعالى " حُوْرٌ مَقْصُوْراتٌ في الْخِيام "، وقوله " قَاصرَاتُ الطَّرْفِ " أَي مانعاتٌ طَرْفَهُنَّ عن النظر إِلاَّ إِلى أَزواجهن.
أَما في الاصطلاح فالمَدُّ هو: إِطَالَةُ الصوتِ بحرفِ المَدِّ.
والقَصْر عكسُهُ: أَقي: إِثبات الحرف من غير زيادة في الصوت.
ولا يقع المَدُّ إِلا في ثلاثة حروف: الألف، والواو المضموم ما قبلها، والياءِ المكسور ما قبلها.
والمَدُّ أَوَّلا يكون بمقدار حركتين، إِذا لم يأْت بعد الحرف الممدود شيءٌ من الأسباب التي تقتضي الزيادةَ، وُيسمَّى هذا المد بالطبيعي، لأنه من طبيعةِ الحرف فلا يمكن أَن تقوم ذاتُه إِلا بهِ، وُيسمَّى أَيضا بالمَدِّ الأصلي.. وبمدِّ الصيغةِ.
مثاله " قَاْلَ" " يقُوْلُ " " يَغْشَى " " نُوْحِيْهَا ".
فإِذا جاءَ سبب من أَسباب المد، زِيدَ في مقداره على مقدار المد الأصلي وُيسمَّى حينئذ بالمد الفرعي.
وللمد أَسباب معنوية، وأَسباب لفظية.
والأسباب اللفظية هي محل البحث، وهى سببان:
الهمزة، والسكون. وتحت كل منهما أَنواع:
الهمزة:
تقع بعد حرف المد أَو قبله، فإِذا وقعتْ بعده فهي إِما متصلة به في كلمةٍ واحدةٍ أَو منفصلة عنه في كلمةٍ أُخرى:
1- الواجب المتصل: هو ما اجتمع حرفه وسببه فى كلمة واحدة، أَي اتصلت الهمزة فيه بحرف المد، وسُمِّي متصلاً لذلك، وأَما تسميته واجباً فلأَنَّ القراءَ أَجمعوا على وجوب مَدِّهِ، وإِن كانوا اختلفوا في مقدار مَدِّهِ، لكن لم يرد عن أَحد القول بقصره.. قال ابن الجزري في (نشره):
تتبَّعْت قَصْرَ المتصل فلم أَجده فى قراءةٍ صحيحةٍ ولا شاذةٍ ، بل رأَيْتُ النصَّ بمدِّهِ عن ابن مسعود رضى الله عنه[1].
حكمه المَدُّ بمقدارِ خمسِ حركات أَو أَربع.
الأمثلة: " جَاَءَ " " شَاَءَ " " جيءَ " " سيءَ " " ا لسُّوء " " قُروء " " النَّسِيَء " " الملائكة " " أولئك ".
2- الجائز المنفصل: وهو ما انفصل حرفه عن سببه فكان كل منهما في كلمة..
الأمثلة: " مَاَ أَنزل " " يأَيُّهَا " " قُوا أَنْفُسكُم " " أدْعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ ".
سُمِّي منفَصِلاً لانفصال الهمزة فيه عن حرف المد، وسُمِّيَ جائزاً لجواز قَصْره ومَدِّه.
أَما عن عاصم فالرواية بالمد بمقدار أَربع حركات أَو خمس ، وذكر ابن الجزري أَنه رُويَ عن حفصٍ من عدة طرقٍ قصْرُهُ.
أَما إِذا وقع الهمز قبل المد فيكون مَدَّ بَدَلٍ:
3- البَدَلُ: مثل " ءَآدمُ " " ءَازَر " " أُوْتُوا " " إِيْمَاناً ".
سُمِّي بذلك لأنَّ حرف المد فيه بَدَلٌ عن الهمزة الساكنة التي أُبدلتْ أَلِفاً أَو وَاواً أَو يَاءً في مثل هذه الكلمات، إِذْ أَصلُها " أَ أْدَم " " أً أْزَر " " أُؤْتُوا " " إِئْمَاناً "، وُيمَدُّ بمقدار حركتين كالطبيعي..
السكون:
يكون لازماً ويكون عارضاً، وينقسم المد بحسب ذلك إِلى مَدٍّ لازِمٍ ومَدٍّ عَارِضٍ.
1- اللازم: هو ما كان السكون فيه بعد حرف المد لازماً، أَي لا يسقط وَصْلاً ولا وَقْفاً، وهذا المد أَربعة أَنواع:
- لازم كلمي مُثَقَّل: وضابطُه أَن يأْتي بعد حرف المد ساكن لازم مصحوب بالإدغام أَو التشديد، مثل " الطآمة " " الصآخة " " أَتحآجُّونِّي " " تَأْمُرُونِّي " " آمين الْبَيْتَ " " ءَآلذَّكَرَيْنِ " " ءَآللهُ " " وَلا الضآلين ".
سُمِّي كَلِمِيّاً لوقوع المَدِّ في كلمةٍ ، ومُثقَّلاً لوجود الإِدغام أَو التشديد معه.
- لازم كلمي مُخَفَّف: إِذا كان الساكن اللازم بعد حرف المد ليس بمدغم ولا مُشَدَّدٍ ولم يقع منه في القرآن إِلا كلمة " ءَآلآنَ " الاستفهامية، في موضعين بيونس:
" ءَآلآنَ وقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُوْنَ " " ءَآلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مَن اْلمُفْسِدِيْن ".
- لازم حرفي مُثَقَّل: ويكون في الحروف المُقَطَّعَةِ من فواتح السور، فإِذا كان الساكن اللازم مصحوباً بالإدغام سُمِّي مُثَقَّلاً، مثل: "آلم" "طسم ".
- لازم حرفي مُخَفَّف: إِذا كان خالياً من الإدغام، مثل:
"ن " "ق " "ص" "يس" "حم".
والمد اللازم بجميع أَنواعه الأربعة يجب مَدُّه بمقدار ست حركات، وهو الطول، وسمى الإشباع، هذا عند جميع القراءِ، قال ابن الجزري في مقدمته:
فَلازمٌ إِنْ جاءَ بعْدَ حرفِ مدْ لازمَ حالَين وبالطُّول يُمدْ
2- العَارِضُ: إِذا عَرَضَ بعد حرف المَدِّ سكونٌ بسبب الوَقْف، فلك فيه حينئذٍ ثلاثةُ أَوجهٍ : القَصْرُ، والتوسُّطُ، والإشباعُ.
مثل: " مَئَابْ " " مَحْيَايْ " " تَعْلَمُونْ " " الخُرُوجْ " " مُنِيبْ " "شَهِيدْ".
3- اللِّينُ: سبق القول بأنَّ الواوَ والياءَ إِذا سكنتا وانفتح ما قبلهما كانتا لَيِّنَتَين، فإِن وصلْتَ امتنع فيهما المد، وإِن وقفْتَ فحكمُهُمَا حينئذٍ حكمُ العارضِ للسكون، لك فيهما الأَوجه الثلاثة.
مثاله: " خوْفْ " " البيْتْ " " الموْتْ " " شيء ".
إذا اجتمع سببان للمد: قوي وضعيف، فالعبرة بالسبب القوي، ففي مثل " " نَشَاَء " " تفيء " " السُّوء " لا يجوز القصر في حالة الوقف، إعمالاً للسبب الأقوى وهو الهمزة المتصلة، وأما السكون العارض بسبب الوقف فلا يُعتَدُّ به هنا.
هاء الكناية:
هي هاءُ الضمير التي يُكْنَى بها عن المُفْرَدِ الغائب المُذَكَّر.
وتَرِدُ مع الحرف، والفعل، والاسم، ولها أَربع أَحوال:
1- أَن تقع بين متحركين مثل: " إِنَّهُ لَقَوْلُ " " إِنٌهُ هُوَ" " إِنَّهُ كَانَ " " قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثُر.. " " وإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضآلين ".
فتَصِلُهَا بواوٍ ممدودةٍ بمقدار حركتين إِن كانت مضمومةً، وبياءٍ ممدودةٍ بمقدار حركتين إِنْ كانَت مكسورةً إِلا في قوله:
أ - " أَرْجهْ " في الأعراف وفي الشعراء فَتُقْرَأُ بالسكون.
ب- " فَأًلْقِهْ " في النمل تُقْرَأُ بالسكون كذلك.
ج- " يَرْضَهُ لَكُمْ " في الزمر فإِنها تُقْرَأ بلا مَدٍّ .
2- أَنْ تقع بين ساكنين مثل " تَذْروْهُ الْرِّياحُ " " إِلَيْهِ اْلمَصِيرُ" " وآتاه اْللّهُ "، فلا مَدَّ فيها لأَحدٍ من القراءِ.
3- أَنْ تقع بعد متحركٍ وقبل ساكنِ، مثل " لَهُ اْلمُلْك " " اسْمُهُ اْلمَسِيْحُ " وحكمها عدم المَدِّ كالتي قبلها.
4- أَنْ تقع بعد ساكنٍ وقبل متحركٍ مثل " فِيْهِ هُدَىً " " خُذُوْهُ فَغُلُّوهُ " وحكمها لحفصٍ عدم المَدِّ أَيضاً إِلا في موضع واحدٍ ، في سورة الفرقان، في قوله تعالى " يَخْلُدْ فِيْهِ مُهَاناً " فتُقْرَأ بالصلةِ.
تمرين رقم (5)
1- بين المعنى الاصطلاحي للمد والقصر؟
2- ما هي حروف المد؟ ومتى يكون المد فيها طبيعياً؟ مثل.
3- ما هي أَسباب المد اللفظية؟
4- عرف المدود الآتية مع التمثيل:
الواجب المتصل، الجائز المنفصل، البدل.
5- مثل لما يأْتي:
مد اللين، اللازم الكلمى المثقل، اللازم الكلمى المخفف، اللازم الحرفى المثقل، اللازم الحرفي المخفف؟
6- عرف المد العارض للسكون؟ ومثل له؟
7- بين مواضع المد في الآيتين الآتيتين ونوع المد ومقداره بالحركات: