الوقف:
الوقف في اللغة الحبس والكف، ووَقَفَ الشيء حبَسَه، وفي الاصطلاح هو: قطع الصوت عن الكلمة زمناً يتنفس فيه عادةً بنيةِ استئنافِ القراءةِ إِما بما يلي الحرف الموقوفَ عليه أَو بما قبله.
وهناك فرق بين: السكت، والوقف، والقطع:
فالسكت: هو قطع الصوت زمناً دون زمن الوقف من غير تنفس. ومقدار هذا الزمن عند حفص مقدارٌ قليل لطيفٌ كما قالت الشاطبي رحمه الله:
وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفة
أَما القطع: فهو الانصراف عن القراءَ ة والانتهاء منها. وكذا الانشغال عنها بأَمر خارج لا علاقة له بها يُعتبر قطعاً، وبعض المتقدمين لا يفرقون بين القطع والوقف فيستعملونهما بمعنىً واحدٍ .
وليس لك أَن تقطع إِلا على رءُوس الآي، فلا ينبغي للقارئ أَن ينصرف عن القراءَ ة حتى يتم الآية، ذكر ابن الجزرى في النشر وأَسنده إِلى عبد الله بن أَبي الهُذَيل رحمه الله أَنه قال: إِذا افتتح أَحدكم آيةً يقرؤُها فلا يَقْطَعْها حتى يُتِمَّها.
وينبغي بعد القطع إذا أَراد العودةَ إِلى القراءَ ة أَن يستعيذ.
أَما الوقف : فيجوز في أَواسط الآي، وهو على أَواخرها أَتم في الغالب، ولا يجب التعوذ بعد الوقف، وإِن طال زمنه، إِذا لم يشتغل بأَمر أَجنبي عن القراءة.
وقد وردت السنة بالوقف على رءُوس الآيات، ففي حديث أُم سلمة رضي الله عنها أَنها سُئِلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يُقطِّع قراءَتَه يقول: الحمد للّه رب العالمين ويقف، الرحمن الرحيم ويقف. أَخرجه الترمذي.
وفى رواية عند أَبي داود أَنها قالت: كان يُقطِّع قراءَته آيةً آيةً.
ومعرفة الوقوف: من أَهم متطلبات الفصاحة في كلام الفصحاءِ، كما أَنها من أَهم متطلبات التجويد في القراءة:
يدل على الأول: ما أَخرجه مسلم وأَبو داود وغيرهما أَن خطيباً خطب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، فغضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: بئس خطيب القوم أَنت.
وفى رواية أَخرجها أَبو جعفر النحاس[1] بإِسناد مسلسل بالثقات عن عدي بن حاتم رضى الله عنه أَن الخطيب وقف على قوله: ومن يعصهما. فكان هذا الوقف القبيح سبباً لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل على الثاني ما أَخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: لقد عشنا برهةً من الدهر وإِنَّ أَحدنا يؤتَى الإيمانَ قبل القرآن وتنزل السورةُ فيتعلم حلالَها وحرامَها وأَوامرَها وزواجرَها وما ينبغي أَن يقف عنده منها، ولقد رأَيتُ رجالا يؤتَى أَحدُهم القرآنَ قبل الإيمان
فيقرأُ ما بين فاتحةِ الكتاب إِلى خاتمتِهِ لا يدري ما آمرُه وما زاجرُه وما ينبغي أَن يقف عنده ينثره نَثْرَ الَدَّقَل [2].
وذكر ابن الجزري في (النشر) عن علي بن أَبي طالب رضي الله عنه أَنه سُئِل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً} فقال: هو تجويدُ الحروفِ ومعرفةُ الوقوفِ.
أقسام الوقف:
لما كان علم الوقف ومعرفته مبنياً على معرفةِ معاني الآيات وتفسيرهِا، اختلف العلماء في تقسيماتهم للوقف حسب اختلافهم في تحقيق المعاني، وكل ما ذكروه من أَقسام لا يخرج بعضه عن بعض، وهو راجع إِلى أَربعة أَقسام هي التي ذكرها أَبو عمرو الداني وابن الجزري: تام، وكافٍ ، وحسن، وقبيح.
وبتتبعي واستقرائي لكلام العلماءِ في هذه الأَنواع، والأَمثلة التي ذكروها وجدْتُ أَنهم ينظرون إِلى العبارة التي قبل موضع الوقف، والعبارة التي بعده، فيبحثون عن ثلاثة روابط أَو عن أَحدها، وبحسب
وجود شيءٍ منها أَو وجودِها كلِّها يكون تحديد نوعِ الوقف وحكمِهِ:
1- الروابط اللفظية.
2- المعنى الخاص بكل عبارة.
3- السياق العام (الموضوع).
فإِذا لم يُوجَد أَي رابط لفظي بين العبارتين وكان المعنى الخاص بكل عبارة كاملاً بنفسه ولا يحتاج إِلى العبارة الأُخرى ليكمل ويصير معنىً مفيداً، وكانت العبارة الثانية بدايةَ موضوعٍ وسياقٍ جديدٍ فهذا هو: التام.
أَما إِن كان السياق لا يزال واحداً فهذا هو: الكافي.
وإِنْ وُجِد بين العبارتين رابط لفظي، ورابط في المعنى والسياق العام إِلا أَنَّ العبارة الأُولى بنفسها تُشكِّلُ معنىً مفيداً فهذا هو: الحسن.
فإِن كان كلٌّ من العبارتين محتاجاً إِلى الآخر بحيث لا يُكوِّن بنفسه معنىً مفيداً إِلا بالعبارة الأُخرى فالوقفُ حينئذٍ بينهما قبيحٌ .
وإِليك بيان ذلك بالتفصيل:
1- (التام): هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده لا في اللفظ ولا في المعنى. فالعبارة الأُولى تامةٌ من جميع الوجوه ومستقلةٌ عن العبارة الأُخرى.
مثاله:
{أوْلَئِكَ عَلَى هُدَىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمُ اْلمُفْلِحُوْنَ}.
فالوقف على " المفلحون " تام، لأَنه نهاية الكلام عن المؤمنين وما بعده كلامٌ جديدٌ عن موضوعٍ آخر هو (الكفار) وحالهم مع الرسول والرسالة، ولا يُوجَد أَيُّ رابطٍ لفظيٍ ولا معنويٍّ بين العبارتين بدليل ابتداءِ العبارة الثانية بـ" إِنَّ ".
ومثله في الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الَعلَمِين. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مَلكِ يَوْم الدِّيْنِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاك نَسْتَعِيْنُ. اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيْمَ}َ فالوقف على " الدين " وعلى " نستعين " كلاهما وقفٌ تامٌ .
2- (الكافي): هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده في اللفظ وكلٌّ منهمـا جملةٌ مفيدةٌ بنفسه وإِنْ كان هناك تَعلُّقٌ في المعنى العام وسياقِ الموضوع.
مثاله:
{إِنَّ المُلُوْكَ إِذَا دَخَلُوْا قَرْيةً أَفْسَدُوْهَا وَجَعَلُوْا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً. وكَذَلِك يَفْعلُوْن}.
فالوقف على " أَذلة" كافٍ لأَنه وإِنْ كان لا يُوجَد رابطٌ لفظيٌّ بين الجملتين وكلٌّ منهما مفيدٌ بنفسه إِلا أَنَّ سياقَ الموضوع مترابطٌ ، فالعبارة الأولى كلام بلقيس وينتهي عند موضع الوقف، والعبارة الثانية كلامٌ من الله تصديقاً لها، وكثيرٌ من العلماءِ يجعل هذا وقفاً تاماً باعتبار أَن كلام بلقيس يتم عنده وما بعده كلامٌ آخر، لكنْ بالتأَمُّل يتبين أَنه من الكافي الوجودِ ترابُطٍ بين العبارتين في سياقِ
الموضوع، ذكر ذلك الملا على القاري في شرحه على المقدمة الجزرية [3]
ومثله: {في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادهُمِ الَّلهُ مَرَضَاً. وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ بِمَا كَانُوْا يَكذِبُوْن} فالوقف على " مَرَضاً " كافٍ إِذ لا يُوجَد ترابطٌ بين العبارتين في اللفظ على اعتبار الواو استئنافيةَ، إِلاَّ أَنَّ سياق الموضوع واحدٌ وهو الكلام عن المنافقين وحالِهِم وما أَعدَّ الله لهم من العذاب الأَليم.
3- (الحسن): ما اتصل ما قبله بما بعده في اللفظ ولا سياق الموضوع، ولكنَّ الجملةَ الأولى مفيدةٌ بنفسها، والجملة الثانية غير مفيدةٍ بنفسها ولا تتم إِلا بالجملة الأولى لوجود الرابط اللفظي.
مثاله: {الْحَمْدُ لَّلهِ. رَبِّ الْعلَمِين} فالوقف على " الحَمْدُ لِلَّهِ " حسن لأنها جملةٌ مفيدةٌ ، إِلاَّ أَنَّ الابتداءَ بما بعد الوقف لا يَحسُنْ لأنه لا يتم إِلا بالجملة الأُولى، لوجود الرابط اللفظيِّ وهو كون " رَبِّ " صفةً والموصوف " اللّه " فلا يمكن الفصل بين الصفة والموصوف، لذلك فإِنَّ القارئ إِذا أَراد الابتداءَ يعيد الجملة الأولى.
ومثله: {يُخْرجُوْن الرَّسُوْلَ. وَإِيَّاكُمْ أَنْ تؤمِنُوْا باللّهِ رَبِّكُمْ} فالوقف على " الرًّسُولَ " حَسَنٌ لأنها جملةٌ مفيدةٌ ، ولكَنَّ الابتداءَ بما بعده لا يحسن بل هو من الابتداءِ القبيح لأَنه يُفْسِد المعنى.
4- (القبيح): هو ما تَعلَّقَ ما قبله بما بعده في اللفظ والمعنى واشتدَّ تَعَلُّقُه بحيث أَنَّ كُلا من الجملتين لا تُشَكِّل بنفسها جملةً مفيدةً. وهو يتِفاوت، وأَشدُّه قبحاً ما أَحْدَثَ خَلَلاً في المعنى وأَوْهَمَ معنىً فاسدا.
وكما يكون القبح في الوقف يكون في الابتداء :
مثالة : في الوقف " إن الله لا يستحيي" " لا تقربوا الصلاة " .
{إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى ..}
{ من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل ..}
{وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله .. }
ومثاله في الابتداء { .. يد الله مغلولة } { .. إن الله فقير ونحن أغنياء }.
{ .. المسيح ابن الله } { .. عزير ابن الله } { .. إن الله ثالث ثلاثة }.
فكل هذا ونحوه جلي القبح لأنه يُحيلُ المعنى وُيفْسِدُه، وُيوهِمُ معنىً آخرَ غيرَ مُرَادٍ ، فيجب الاحتراَس منه فإِنْ تعمِّدَه القارئ أَثِمَ، وربما أَفضَى به مثل هذا إِلى الكفر.
ومن الوقوف القبيحة أَيضاً، كلُّ وقفٍ يفصل بين جزأَي المعنى، وبين المترابطين لفظياً، كالفصل بين إِنَّ واسمِها وخبرِها، وبن الحال وصاحِبِها، والموصولِ وصلتِهِ والجارِّ والمجرورِ ومتعلَّقِهِما ، و الفعلِ وفاعلِهِ ومفعولِهِ.
وكما يكون الوقفُ والابتداءُ قبيحين فى بعض المواضع، يكون الوصلُ أَحياناً قبيحاً، فيلزم الوقف حينئذٍ ، وذلك إِذا كان الوصل يؤدي إِلى خَلَلٍ في المعنى أَو إِيهامٍ.
مثاله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ. يَوْمَ يَدْعُ الدَّاع إِلى شيَءٍ نُكُر خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُوْنَ.. } فالوقف على " عَنْهُم " لازم، لأنك لو وصلْتَ احتمل تعلُّق الظرف وهو"يَوْم " بفعلِ الأمر" فَتَوَلَّ" فيفسد المعنى.
ومثله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيْبُ الَّذِيْنَ يَسْمعُوْنَ. والموتى يَبْعثُهُمُ اللّهُ} فالوقف على "يسمعون" لازم، لأنك لو وصلْتَ اشتركَ الموتى مع الذين يسمعون في صفةِ الاستجابةِ، أَو احتَمَلَ هذا المعنى الفاسدَ في أُذن السامع، فالأجل إِيضاح المعاني والفصل بين المتغاير منها، ينبغي بل يلزم الوقف في مثل هذه المواضع.
(تنبيه): قد يختلف نوع الوقف وحكمُهُ باختلاف أَوْجُهِ التفسيرِ والقراءَةِ، والإعرابِ.
مثاله: في اختلاف أَوْجُهِ التفسير: {وَمَا يعلم تَأْويلَهُ إِلا اللّه. وَالرَّاسِخُوْنَ فِي الْعِلْمِ يَقُوْلُونَ ءَامَنَّا بِهِ.. }.
فالوقف على قوله " إِلا اللّه " كافٍ ، على تفسيرِ مَنْ قال إِن عِلْمَ المُتَشَابهِ للّهِ وحده وأَنَّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأْويلَه بل يؤمنون به وبكلَ ما جاءَ من عند اللّه، وهذا الوجه من التفسير مروي عن ابن عباس وابن مسعود وعائشة، وهو قول أَبي حنيفة وأَكثر أَهلِ الحديثِ وبه
أَخذ من القراءِ نافعٌ والكسائيُّ ويعقوبُ، قال عُرْوَةُ بن مسعود: الراسخون في العلم لا يعلمون التأْويلَ ولكنْ يقولون آمنَّا بهِ .
وهو وقفٌ غيرُ كافٍ على تفسيرِ مَنْ قال: إِنّ الراسخين في العلم يعلمون تأْويلَ المُتَشَابهِ فالراسخون على هذا معطوفٌ على لفظ الجلالة، وهذا القول مرويٌّ عنَ ابن عباس أيضاً، وممن قال به مجاهدٌ والقاسمُ بن محمود وغيرهما.
ومثاله: في اختلاف أَوجه القراءات: {وإذ جعلنا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وِأَمْناً. وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْراهِيْمَ مُصَلَّى}.
فالوقف على قوله "وَأَمْنَا " كافٍ على قراءةِ الكسر"وَاتَّخِذوا" لأنَّ العبارة الثانية حينئذٍ تصير كلاماً مستأَنفاً ويكون الوقف غيرَ كافٍ على قراءة الفتح "وَاتَّخَذُوا " إِذْ تصير العبارة الثانية حينئذٍ معطوفةً على ما قبلها.
ومثاله: في اختلاف أَوْجُهِ الإعرابِ: {آلم ذَلِكَ الِكَتابِ لا رَيْبَ فِيْهِ} فالوقف على " آلم " تامٌ على تقدير المبتدأ أَو الخبر، أَي: هذا آلم، أَو الم هذا. فيكون ما بعده كلاماً مُستأْنفاً، فيكون الوقف غيرَ تامِّ إِذا أَعربْنَا الجملةَ بعد " الم " في محلِّ رفْعٍ خبر له.
وَهناك أوجه أًخرى كثيرة في الإِعراب ليس هذا محلُّ ذِكْرِها، وإِنما المراد التمثيل لتنوُّع الوقفِ بتنوُّع وَجْهِ الإعراب واختلافِهِ باختلافِهِ.
(رموز الوقف): سبق أَن العلماءَ اختلفوا في تقسيمهم للوقف، إِلاَ أَن جميعَ ما ذكروه من أَقسامٍ لا يخرج عن الأقسام الأَربعة التي
ذكرناها، ولكنهم في المصاحف لَجَئُوا إِلى التفصيل ولم يكتفوا بما سبق، بل الغالب أَنهم اعتمدوا على تقسيم السَّجَاوَنْدِي ، فقد قَسَّمَ الوقوفَ إِلى خمسةِ أَقسامٍ: اللازم، والمُطْلَق، والجائز، والمُجَوَّز لوجهٍ ، والمُرخَّص لضرورةٍ .
ولكلِّ قسمٍ من هذه الأقسام رَمْزٌ يشير إِليه، وإِليك بيان هذه الرموز:
(م) رمز للوقف اللازم: وهو ما كان في وصله إِفسادٌ للمعنى أَو إِيهامٌ لمعنىً آخر غير مرادٍ وقد سبق مثاله.
(ط) رمز للوقف المُطْلَق: والمراد به ما يحسن فيه الابتداءُ بما بعده، وذلك لا يكون إِلا في الوصف التَّامِّ أَو الكافي.
(ج) رمز للوقف الجائز: وهو ما يجوز فيه الوقف والوصل بدرجةٍ متساويةٍ ، لوجود وجهين فيها من الإِعراب من غير ترجيحً لأحدهما، مثاله: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ. يُذَبَحُوْنَ أبناءكم.. } فقوله " يُذَبِّحُونَ" يجوز فيها أَن تُعْرَبَ في محلِّ نصبِ حالٌ من فاعلِ "يَسُو مونَكُمْ" ويجوز أَن تكون استئناَفيةً.
(ز) رمز للوقف المُجَوَّز لِوَجْهٍ : وذلك إِذا كان هناك وجهان متغايران في الإعراب وأَحدهما أَرجح من الآخر، والوقف على الوجه المرجوح، مثاله: {أولئِكَ الَّذِيْنَ اشترَوا الحَيَوةَ الدُّنْيَا بالآخرة. فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَاب وَلاهُمْ يُنْصَرُوْنَ}.
فالفاء في قوله " فَلا " سببيةٌ وعلى هذا الوجه فالوصل أَوْلَى
وهو الراجح، ويجوز إِعراب الفاءِ استئنافية وهو وجهٌ مرجوح، وعليه يكون الوقف مُجَوَّزاً.
(
الوقف في اللغة الحبس والكف، ووَقَفَ الشيء حبَسَه، وفي الاصطلاح هو: قطع الصوت عن الكلمة زمناً يتنفس فيه عادةً بنيةِ استئنافِ القراءةِ إِما بما يلي الحرف الموقوفَ عليه أَو بما قبله.
وهناك فرق بين: السكت، والوقف، والقطع:
فالسكت: هو قطع الصوت زمناً دون زمن الوقف من غير تنفس. ومقدار هذا الزمن عند حفص مقدارٌ قليل لطيفٌ كما قالت الشاطبي رحمه الله:
وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفة
أَما القطع: فهو الانصراف عن القراءَ ة والانتهاء منها. وكذا الانشغال عنها بأَمر خارج لا علاقة له بها يُعتبر قطعاً، وبعض المتقدمين لا يفرقون بين القطع والوقف فيستعملونهما بمعنىً واحدٍ .
وليس لك أَن تقطع إِلا على رءُوس الآي، فلا ينبغي للقارئ أَن ينصرف عن القراءَ ة حتى يتم الآية، ذكر ابن الجزرى في النشر وأَسنده إِلى عبد الله بن أَبي الهُذَيل رحمه الله أَنه قال: إِذا افتتح أَحدكم آيةً يقرؤُها فلا يَقْطَعْها حتى يُتِمَّها.
وينبغي بعد القطع إذا أَراد العودةَ إِلى القراءَ ة أَن يستعيذ.
أَما الوقف : فيجوز في أَواسط الآي، وهو على أَواخرها أَتم في الغالب، ولا يجب التعوذ بعد الوقف، وإِن طال زمنه، إِذا لم يشتغل بأَمر أَجنبي عن القراءة.
وقد وردت السنة بالوقف على رءُوس الآيات، ففي حديث أُم سلمة رضي الله عنها أَنها سُئِلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يُقطِّع قراءَتَه يقول: الحمد للّه رب العالمين ويقف، الرحمن الرحيم ويقف. أَخرجه الترمذي.
وفى رواية عند أَبي داود أَنها قالت: كان يُقطِّع قراءَته آيةً آيةً.
ومعرفة الوقوف: من أَهم متطلبات الفصاحة في كلام الفصحاءِ، كما أَنها من أَهم متطلبات التجويد في القراءة:
يدل على الأول: ما أَخرجه مسلم وأَبو داود وغيرهما أَن خطيباً خطب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، فغضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: بئس خطيب القوم أَنت.
وفى رواية أَخرجها أَبو جعفر النحاس[1] بإِسناد مسلسل بالثقات عن عدي بن حاتم رضى الله عنه أَن الخطيب وقف على قوله: ومن يعصهما. فكان هذا الوقف القبيح سبباً لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل على الثاني ما أَخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: لقد عشنا برهةً من الدهر وإِنَّ أَحدنا يؤتَى الإيمانَ قبل القرآن وتنزل السورةُ فيتعلم حلالَها وحرامَها وأَوامرَها وزواجرَها وما ينبغي أَن يقف عنده منها، ولقد رأَيتُ رجالا يؤتَى أَحدُهم القرآنَ قبل الإيمان
فيقرأُ ما بين فاتحةِ الكتاب إِلى خاتمتِهِ لا يدري ما آمرُه وما زاجرُه وما ينبغي أَن يقف عنده ينثره نَثْرَ الَدَّقَل [2].
وذكر ابن الجزري في (النشر) عن علي بن أَبي طالب رضي الله عنه أَنه سُئِل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً} فقال: هو تجويدُ الحروفِ ومعرفةُ الوقوفِ.
أقسام الوقف:
لما كان علم الوقف ومعرفته مبنياً على معرفةِ معاني الآيات وتفسيرهِا، اختلف العلماء في تقسيماتهم للوقف حسب اختلافهم في تحقيق المعاني، وكل ما ذكروه من أَقسام لا يخرج بعضه عن بعض، وهو راجع إِلى أَربعة أَقسام هي التي ذكرها أَبو عمرو الداني وابن الجزري: تام، وكافٍ ، وحسن، وقبيح.
وبتتبعي واستقرائي لكلام العلماءِ في هذه الأَنواع، والأَمثلة التي ذكروها وجدْتُ أَنهم ينظرون إِلى العبارة التي قبل موضع الوقف، والعبارة التي بعده، فيبحثون عن ثلاثة روابط أَو عن أَحدها، وبحسب
وجود شيءٍ منها أَو وجودِها كلِّها يكون تحديد نوعِ الوقف وحكمِهِ:
1- الروابط اللفظية.
2- المعنى الخاص بكل عبارة.
3- السياق العام (الموضوع).
فإِذا لم يُوجَد أَي رابط لفظي بين العبارتين وكان المعنى الخاص بكل عبارة كاملاً بنفسه ولا يحتاج إِلى العبارة الأُخرى ليكمل ويصير معنىً مفيداً، وكانت العبارة الثانية بدايةَ موضوعٍ وسياقٍ جديدٍ فهذا هو: التام.
أَما إِن كان السياق لا يزال واحداً فهذا هو: الكافي.
وإِنْ وُجِد بين العبارتين رابط لفظي، ورابط في المعنى والسياق العام إِلا أَنَّ العبارة الأُولى بنفسها تُشكِّلُ معنىً مفيداً فهذا هو: الحسن.
فإِن كان كلٌّ من العبارتين محتاجاً إِلى الآخر بحيث لا يُكوِّن بنفسه معنىً مفيداً إِلا بالعبارة الأُخرى فالوقفُ حينئذٍ بينهما قبيحٌ .
وإِليك بيان ذلك بالتفصيل:
1- (التام): هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده لا في اللفظ ولا في المعنى. فالعبارة الأُولى تامةٌ من جميع الوجوه ومستقلةٌ عن العبارة الأُخرى.
مثاله:
{أوْلَئِكَ عَلَى هُدَىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمُ اْلمُفْلِحُوْنَ}.
فالوقف على " المفلحون " تام، لأَنه نهاية الكلام عن المؤمنين وما بعده كلامٌ جديدٌ عن موضوعٍ آخر هو (الكفار) وحالهم مع الرسول والرسالة، ولا يُوجَد أَيُّ رابطٍ لفظيٍ ولا معنويٍّ بين العبارتين بدليل ابتداءِ العبارة الثانية بـ" إِنَّ ".
ومثله في الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الَعلَمِين. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مَلكِ يَوْم الدِّيْنِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاك نَسْتَعِيْنُ. اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيْمَ}َ فالوقف على " الدين " وعلى " نستعين " كلاهما وقفٌ تامٌ .
2- (الكافي): هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده في اللفظ وكلٌّ منهمـا جملةٌ مفيدةٌ بنفسه وإِنْ كان هناك تَعلُّقٌ في المعنى العام وسياقِ الموضوع.
مثاله:
{إِنَّ المُلُوْكَ إِذَا دَخَلُوْا قَرْيةً أَفْسَدُوْهَا وَجَعَلُوْا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً. وكَذَلِك يَفْعلُوْن}.
فالوقف على " أَذلة" كافٍ لأَنه وإِنْ كان لا يُوجَد رابطٌ لفظيٌّ بين الجملتين وكلٌّ منهما مفيدٌ بنفسه إِلا أَنَّ سياقَ الموضوع مترابطٌ ، فالعبارة الأولى كلام بلقيس وينتهي عند موضع الوقف، والعبارة الثانية كلامٌ من الله تصديقاً لها، وكثيرٌ من العلماءِ يجعل هذا وقفاً تاماً باعتبار أَن كلام بلقيس يتم عنده وما بعده كلامٌ آخر، لكنْ بالتأَمُّل يتبين أَنه من الكافي الوجودِ ترابُطٍ بين العبارتين في سياقِ
الموضوع، ذكر ذلك الملا على القاري في شرحه على المقدمة الجزرية [3]
ومثله: {في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادهُمِ الَّلهُ مَرَضَاً. وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ بِمَا كَانُوْا يَكذِبُوْن} فالوقف على " مَرَضاً " كافٍ إِذ لا يُوجَد ترابطٌ بين العبارتين في اللفظ على اعتبار الواو استئنافيةَ، إِلاَّ أَنَّ سياق الموضوع واحدٌ وهو الكلام عن المنافقين وحالِهِم وما أَعدَّ الله لهم من العذاب الأَليم.
3- (الحسن): ما اتصل ما قبله بما بعده في اللفظ ولا سياق الموضوع، ولكنَّ الجملةَ الأولى مفيدةٌ بنفسها، والجملة الثانية غير مفيدةٍ بنفسها ولا تتم إِلا بالجملة الأولى لوجود الرابط اللفظي.
مثاله: {الْحَمْدُ لَّلهِ. رَبِّ الْعلَمِين} فالوقف على " الحَمْدُ لِلَّهِ " حسن لأنها جملةٌ مفيدةٌ ، إِلاَّ أَنَّ الابتداءَ بما بعد الوقف لا يَحسُنْ لأنه لا يتم إِلا بالجملة الأُولى، لوجود الرابط اللفظيِّ وهو كون " رَبِّ " صفةً والموصوف " اللّه " فلا يمكن الفصل بين الصفة والموصوف، لذلك فإِنَّ القارئ إِذا أَراد الابتداءَ يعيد الجملة الأولى.
ومثله: {يُخْرجُوْن الرَّسُوْلَ. وَإِيَّاكُمْ أَنْ تؤمِنُوْا باللّهِ رَبِّكُمْ} فالوقف على " الرًّسُولَ " حَسَنٌ لأنها جملةٌ مفيدةٌ ، ولكَنَّ الابتداءَ بما بعده لا يحسن بل هو من الابتداءِ القبيح لأَنه يُفْسِد المعنى.
4- (القبيح): هو ما تَعلَّقَ ما قبله بما بعده في اللفظ والمعنى واشتدَّ تَعَلُّقُه بحيث أَنَّ كُلا من الجملتين لا تُشَكِّل بنفسها جملةً مفيدةً. وهو يتِفاوت، وأَشدُّه قبحاً ما أَحْدَثَ خَلَلاً في المعنى وأَوْهَمَ معنىً فاسدا.
وكما يكون القبح في الوقف يكون في الابتداء :
مثالة : في الوقف " إن الله لا يستحيي" " لا تقربوا الصلاة " .
{إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى ..}
{ من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل ..}
{وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله .. }
ومثاله في الابتداء { .. يد الله مغلولة } { .. إن الله فقير ونحن أغنياء }.
{ .. المسيح ابن الله } { .. عزير ابن الله } { .. إن الله ثالث ثلاثة }.
فكل هذا ونحوه جلي القبح لأنه يُحيلُ المعنى وُيفْسِدُه، وُيوهِمُ معنىً آخرَ غيرَ مُرَادٍ ، فيجب الاحتراَس منه فإِنْ تعمِّدَه القارئ أَثِمَ، وربما أَفضَى به مثل هذا إِلى الكفر.
ومن الوقوف القبيحة أَيضاً، كلُّ وقفٍ يفصل بين جزأَي المعنى، وبين المترابطين لفظياً، كالفصل بين إِنَّ واسمِها وخبرِها، وبن الحال وصاحِبِها، والموصولِ وصلتِهِ والجارِّ والمجرورِ ومتعلَّقِهِما ، و الفعلِ وفاعلِهِ ومفعولِهِ.
وكما يكون الوقفُ والابتداءُ قبيحين فى بعض المواضع، يكون الوصلُ أَحياناً قبيحاً، فيلزم الوقف حينئذٍ ، وذلك إِذا كان الوصل يؤدي إِلى خَلَلٍ في المعنى أَو إِيهامٍ.
مثاله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ. يَوْمَ يَدْعُ الدَّاع إِلى شيَءٍ نُكُر خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُوْنَ.. } فالوقف على " عَنْهُم " لازم، لأنك لو وصلْتَ احتمل تعلُّق الظرف وهو"يَوْم " بفعلِ الأمر" فَتَوَلَّ" فيفسد المعنى.
ومثله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيْبُ الَّذِيْنَ يَسْمعُوْنَ. والموتى يَبْعثُهُمُ اللّهُ} فالوقف على "يسمعون" لازم، لأنك لو وصلْتَ اشتركَ الموتى مع الذين يسمعون في صفةِ الاستجابةِ، أَو احتَمَلَ هذا المعنى الفاسدَ في أُذن السامع، فالأجل إِيضاح المعاني والفصل بين المتغاير منها، ينبغي بل يلزم الوقف في مثل هذه المواضع.
(تنبيه): قد يختلف نوع الوقف وحكمُهُ باختلاف أَوْجُهِ التفسيرِ والقراءَةِ، والإعرابِ.
مثاله: في اختلاف أَوْجُهِ التفسير: {وَمَا يعلم تَأْويلَهُ إِلا اللّه. وَالرَّاسِخُوْنَ فِي الْعِلْمِ يَقُوْلُونَ ءَامَنَّا بِهِ.. }.
فالوقف على قوله " إِلا اللّه " كافٍ ، على تفسيرِ مَنْ قال إِن عِلْمَ المُتَشَابهِ للّهِ وحده وأَنَّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأْويلَه بل يؤمنون به وبكلَ ما جاءَ من عند اللّه، وهذا الوجه من التفسير مروي عن ابن عباس وابن مسعود وعائشة، وهو قول أَبي حنيفة وأَكثر أَهلِ الحديثِ وبه
أَخذ من القراءِ نافعٌ والكسائيُّ ويعقوبُ، قال عُرْوَةُ بن مسعود: الراسخون في العلم لا يعلمون التأْويلَ ولكنْ يقولون آمنَّا بهِ .
وهو وقفٌ غيرُ كافٍ على تفسيرِ مَنْ قال: إِنّ الراسخين في العلم يعلمون تأْويلَ المُتَشَابهِ فالراسخون على هذا معطوفٌ على لفظ الجلالة، وهذا القول مرويٌّ عنَ ابن عباس أيضاً، وممن قال به مجاهدٌ والقاسمُ بن محمود وغيرهما.
ومثاله: في اختلاف أَوجه القراءات: {وإذ جعلنا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وِأَمْناً. وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْراهِيْمَ مُصَلَّى}.
فالوقف على قوله "وَأَمْنَا " كافٍ على قراءةِ الكسر"وَاتَّخِذوا" لأنَّ العبارة الثانية حينئذٍ تصير كلاماً مستأَنفاً ويكون الوقف غيرَ كافٍ على قراءة الفتح "وَاتَّخَذُوا " إِذْ تصير العبارة الثانية حينئذٍ معطوفةً على ما قبلها.
ومثاله: في اختلاف أَوْجُهِ الإعرابِ: {آلم ذَلِكَ الِكَتابِ لا رَيْبَ فِيْهِ} فالوقف على " آلم " تامٌ على تقدير المبتدأ أَو الخبر، أَي: هذا آلم، أَو الم هذا. فيكون ما بعده كلاماً مُستأْنفاً، فيكون الوقف غيرَ تامِّ إِذا أَعربْنَا الجملةَ بعد " الم " في محلِّ رفْعٍ خبر له.
وَهناك أوجه أًخرى كثيرة في الإِعراب ليس هذا محلُّ ذِكْرِها، وإِنما المراد التمثيل لتنوُّع الوقفِ بتنوُّع وَجْهِ الإعراب واختلافِهِ باختلافِهِ.
(رموز الوقف): سبق أَن العلماءَ اختلفوا في تقسيمهم للوقف، إِلاَ أَن جميعَ ما ذكروه من أَقسامٍ لا يخرج عن الأقسام الأَربعة التي
ذكرناها، ولكنهم في المصاحف لَجَئُوا إِلى التفصيل ولم يكتفوا بما سبق، بل الغالب أَنهم اعتمدوا على تقسيم السَّجَاوَنْدِي ، فقد قَسَّمَ الوقوفَ إِلى خمسةِ أَقسامٍ: اللازم، والمُطْلَق، والجائز، والمُجَوَّز لوجهٍ ، والمُرخَّص لضرورةٍ .
ولكلِّ قسمٍ من هذه الأقسام رَمْزٌ يشير إِليه، وإِليك بيان هذه الرموز:
(م) رمز للوقف اللازم: وهو ما كان في وصله إِفسادٌ للمعنى أَو إِيهامٌ لمعنىً آخر غير مرادٍ وقد سبق مثاله.
(ط) رمز للوقف المُطْلَق: والمراد به ما يحسن فيه الابتداءُ بما بعده، وذلك لا يكون إِلا في الوصف التَّامِّ أَو الكافي.
(ج) رمز للوقف الجائز: وهو ما يجوز فيه الوقف والوصل بدرجةٍ متساويةٍ ، لوجود وجهين فيها من الإِعراب من غير ترجيحً لأحدهما، مثاله: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ. يُذَبَحُوْنَ أبناءكم.. } فقوله " يُذَبِّحُونَ" يجوز فيها أَن تُعْرَبَ في محلِّ نصبِ حالٌ من فاعلِ "يَسُو مونَكُمْ" ويجوز أَن تكون استئناَفيةً.
(ز) رمز للوقف المُجَوَّز لِوَجْهٍ : وذلك إِذا كان هناك وجهان متغايران في الإعراب وأَحدهما أَرجح من الآخر، والوقف على الوجه المرجوح، مثاله: {أولئِكَ الَّذِيْنَ اشترَوا الحَيَوةَ الدُّنْيَا بالآخرة. فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَاب وَلاهُمْ يُنْصَرُوْنَ}.
فالفاء في قوله " فَلا " سببيةٌ وعلى هذا الوجه فالوصل أَوْلَى
وهو الراجح، ويجوز إِعراب الفاءِ استئنافية وهو وجهٌ مرجوح، وعليه يكون الوقف مُجَوَّزاً.
(