الزكاة
اعلموا يا عباد الله أن الزكاة من أعظم أمور الإسلام، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة} وورد ذكرها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله: "بني الإسلام على خمس شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة".
فمن منعها مع اعتقاد وجوبها فقد وقع في كبيرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله ءاكل الربا وموكله ومانع الزكاة".
وأما من منعها وهو لا يراها واجبة فإنه مرتد خارجٌ من الإسلام.
والزكاة واجبة في الإبل والبقر والغنم والتمر والزبيب والزروع المقتاتة حالة الاختيار كالقمح والشعير وفي الذهب والفضة والمعدِن والرِّكاز منهما والمعدِن في عرف الفقهاء في باب الزكاة هو الذهب والفضة اللذان يوجدان في الموضع الذي خلقهما الله فيه أي ليس دفيناً أما الدفين يُسمَّى رِكازاً فهذا المعدن يُزكَّى بعد تحصيله ولا يُنتظر له حَولان الحول. وأما الركاز فهو الدفين الجاهليُّ أي الذي كان دُفِن قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فمن عثر عليه في أرض أحياها هو أي كانت غير مملوكة لأحد وجب عليه أن يزكيّه في الحال أي مع بلوغ النصاب أي القدر الذي تجب فيه الزكاة من الذهب أو الفضة.
ويُعرف هذا الدفين بكونه جاهليا بوجود اسم ملك من ملوك تلك الأزمان.
وأموال التجارة، فأما زكاة التجارة فنصابها نِصاب ما اشتريت به من النقدين والنقدان هما الذهب والفضة ولا يعتبر إلا ءاخر الحول ويجب فيها رُبعُ عُشر القيمة.
ومعنى التجارة تقليب المال لغرض الاسترباح بأن يشتري ويبيع ثم يشتري ويبيع وهكذا وأما نصابها نصاب ما اشتُريت به من النقدين أي الذهب والفضة فإن اشتريت بذهب قوّمت بالذهب وإن اشتريت بفضة فبالفضة، وإن اشتريت بغيرهما قوّمت بالنقد الغالب في ذلك البلد فإن كان الغالبُ في ذلك البلد نقد الذهب فبالذهب وإن كان الغالب فيه نقد الفضة فبنقد الفضة أما عند أبي حنيفة فتقوّم بالنقد الذي هو أنفع للفقراء.
فمن بدأ تجارته في ءاخر رجب مثلا عليه أن يقوّم بضاعته في ءاخر رجب من السنة الثانية فإن بلغت نصابا يدفع الزكاة ويكون تقويم البضاعة عند حولان الحول بحساب شراء الناس لها وليس باعتبار شراء التاجر للبضاعة. ولا ينتظر المزكي رمضان كما يفعل بعض الناس لدفع الزكاة. وللزكاة وقت وجوب ووقت جواز، فوقت الوجوب حَولان الحول ووقت الجواز هو أن يدفع الزكاة قبل تمام الحول ويجزىء ذلك بشرط بقاء المالك أهلا لوجوب الزكاة عليه وبقاء المال إلى ءاخر الحول.
وأما زكاة الفِطْر فقد أوجبها الله عن البدن على كل مسلم وعلى من عليه نفقتهم من المسلمين ووقت وجوبها في رمضان، وزكاة الفطر تجب بإدراك جُزء من رمضان وجُزء من شوال، ومقدار زكاة الفطر صاعٌ من غالب قوت البلد إذا فضَلت عن دَيْنِه وكسوته ومسكنه وقوته وقوت من عليه نفقتهم يومَ العيد وليلَته.
وتجب النية في جميع أنواع الزكاة مع الإفراز كأن يقول بقلبه هذه زكاة مالي أو هذه زكاة بدني ويجب صرفها إلى من وُجد من الفقراء والمساكين والعاملين عليهم والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل.
أما الفقير فهو من لا يجد إلا أقلّ من نصف كفايته.
وأما المسكين فهو الذي يجد نصف كفايته ولا يجد كفايته.
وأما العاملون عليها فهم الذين نَصَبهم الخليفة أو السلطان لأخذ الزكوات من أصحاب الأموال ولم يجعل لهم أجرة في بيت المال وإلا فلا يجوز اعطاؤهم من الزكاة.
وأما المؤلفة قلوبهم فمعناه من كان ضعيف النية ممن أسلم وفي نفسه وحشةٌ من المسلمين أي لم يتآلف مع المسلمين.
وأما الرّقاب فهم الذين تشارطوا مع أسيادهم أن يدفعوا كذا من المال فإذا دفعوا ذلك المبلغ يكونون أحراراً.
وأما الغارمون فهم الذين ارتكبتهم الديون فإنهم يُعطون من الزكاة قدر الدّين إن كان حالاًّ وعجَزوا عن وفائه.
وفي سبيل الله فالمراد به الغزاة المتطوعون بالجهاد بأن لم يكن لهم سهم في ديوان المرتزقة من الفيء فيُعطون ما يحتاجونه للجهاد ولو كانوا أغنياء إعانة لهم على الغزو.
وليس المراد بـ "في سبيل الله" كل عمل خيري من بناء مسجد ومدرسة ومستشفى ونحو ذلك. وقد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد والإجماع هو إجماع المجتهدين.
اعلموا رحمكم الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدّ حدودا فلا تعتدوها" وكان من جملة الفرائض الزكاة على من وجبت عليه فلا يجوز للإنسان أن يتصرف بأموال الزكاة إلا فيما أذن الله له به، فالزكاة عباد الله لا يجوز صرفها إلا للأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان من الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وهم المدينون العاجزون عن الوفاء وفي سبيل الله وهم الغزاة المتطوعون، ليس معناه كل عمل خيري وإلا لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "تؤخذ من اغنيائهم وتُرَدُّ إلى فقرائهم" لأن مطلق الأعمال الخيرية تجوز في الغني والفقير وإن كان التصدق على الفقير أفضل.
وأما ابن السبيل فهو المسافر الذي ليس معه ما يوصله إلى مقصده.
وكما لا يجوز صرف الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية كذلك لا يجوز تسليم الزكاة لصرفها على مستحقيها الا لمن هو أهل لأن تُسَلّم له، إلا لمن هو أمين على أموال المسلمين يخاف الله عز وجل ولا يضيع أموال المسلمين هنا وهناك فلا يجوز دفع الزكاة لمن هو غير أمين يضيع أموال الناس فيضعها في غير مواضعها أو يأكلها لنفسه. فمن لم يضع يا عباد الله أموال الزكاة في مواضعها وأضاعها فيما لا يجزىء شرعا لم تسقط عنه الزكاة بل تبقى في ذمّته ليُسأل عنها يوم القيامة. فأقبلوا عباد الله على العمل الذي يُرضي ربّ العباد حتى لا يذهب عملكم سُدَى ويكون هباءً منثوراً.
مواضيع ذات صلة
إصرفوا الزكاة حيث أمر الله
الحث على دفع الزكاة
بيان حُكم الزكاة في العملة الورقية
الحث على دفع الزكاة
الزكاة والأصناف الثمانية
اعلموا يا عباد الله أن الزكاة من أعظم أمور الإسلام، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة} وورد ذكرها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله: "بني الإسلام على خمس شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة".
فمن منعها مع اعتقاد وجوبها فقد وقع في كبيرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله ءاكل الربا وموكله ومانع الزكاة".
وأما من منعها وهو لا يراها واجبة فإنه مرتد خارجٌ من الإسلام.
والزكاة واجبة في الإبل والبقر والغنم والتمر والزبيب والزروع المقتاتة حالة الاختيار كالقمح والشعير وفي الذهب والفضة والمعدِن والرِّكاز منهما والمعدِن في عرف الفقهاء في باب الزكاة هو الذهب والفضة اللذان يوجدان في الموضع الذي خلقهما الله فيه أي ليس دفيناً أما الدفين يُسمَّى رِكازاً فهذا المعدن يُزكَّى بعد تحصيله ولا يُنتظر له حَولان الحول. وأما الركاز فهو الدفين الجاهليُّ أي الذي كان دُفِن قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فمن عثر عليه في أرض أحياها هو أي كانت غير مملوكة لأحد وجب عليه أن يزكيّه في الحال أي مع بلوغ النصاب أي القدر الذي تجب فيه الزكاة من الذهب أو الفضة.
ويُعرف هذا الدفين بكونه جاهليا بوجود اسم ملك من ملوك تلك الأزمان.
وأموال التجارة، فأما زكاة التجارة فنصابها نِصاب ما اشتريت به من النقدين والنقدان هما الذهب والفضة ولا يعتبر إلا ءاخر الحول ويجب فيها رُبعُ عُشر القيمة.
ومعنى التجارة تقليب المال لغرض الاسترباح بأن يشتري ويبيع ثم يشتري ويبيع وهكذا وأما نصابها نصاب ما اشتُريت به من النقدين أي الذهب والفضة فإن اشتريت بذهب قوّمت بالذهب وإن اشتريت بفضة فبالفضة، وإن اشتريت بغيرهما قوّمت بالنقد الغالب في ذلك البلد فإن كان الغالبُ في ذلك البلد نقد الذهب فبالذهب وإن كان الغالب فيه نقد الفضة فبنقد الفضة أما عند أبي حنيفة فتقوّم بالنقد الذي هو أنفع للفقراء.
فمن بدأ تجارته في ءاخر رجب مثلا عليه أن يقوّم بضاعته في ءاخر رجب من السنة الثانية فإن بلغت نصابا يدفع الزكاة ويكون تقويم البضاعة عند حولان الحول بحساب شراء الناس لها وليس باعتبار شراء التاجر للبضاعة. ولا ينتظر المزكي رمضان كما يفعل بعض الناس لدفع الزكاة. وللزكاة وقت وجوب ووقت جواز، فوقت الوجوب حَولان الحول ووقت الجواز هو أن يدفع الزكاة قبل تمام الحول ويجزىء ذلك بشرط بقاء المالك أهلا لوجوب الزكاة عليه وبقاء المال إلى ءاخر الحول.
وأما زكاة الفِطْر فقد أوجبها الله عن البدن على كل مسلم وعلى من عليه نفقتهم من المسلمين ووقت وجوبها في رمضان، وزكاة الفطر تجب بإدراك جُزء من رمضان وجُزء من شوال، ومقدار زكاة الفطر صاعٌ من غالب قوت البلد إذا فضَلت عن دَيْنِه وكسوته ومسكنه وقوته وقوت من عليه نفقتهم يومَ العيد وليلَته.
وتجب النية في جميع أنواع الزكاة مع الإفراز كأن يقول بقلبه هذه زكاة مالي أو هذه زكاة بدني ويجب صرفها إلى من وُجد من الفقراء والمساكين والعاملين عليهم والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل.
أما الفقير فهو من لا يجد إلا أقلّ من نصف كفايته.
وأما المسكين فهو الذي يجد نصف كفايته ولا يجد كفايته.
وأما العاملون عليها فهم الذين نَصَبهم الخليفة أو السلطان لأخذ الزكوات من أصحاب الأموال ولم يجعل لهم أجرة في بيت المال وإلا فلا يجوز اعطاؤهم من الزكاة.
وأما المؤلفة قلوبهم فمعناه من كان ضعيف النية ممن أسلم وفي نفسه وحشةٌ من المسلمين أي لم يتآلف مع المسلمين.
وأما الرّقاب فهم الذين تشارطوا مع أسيادهم أن يدفعوا كذا من المال فإذا دفعوا ذلك المبلغ يكونون أحراراً.
وأما الغارمون فهم الذين ارتكبتهم الديون فإنهم يُعطون من الزكاة قدر الدّين إن كان حالاًّ وعجَزوا عن وفائه.
وفي سبيل الله فالمراد به الغزاة المتطوعون بالجهاد بأن لم يكن لهم سهم في ديوان المرتزقة من الفيء فيُعطون ما يحتاجونه للجهاد ولو كانوا أغنياء إعانة لهم على الغزو.
وليس المراد بـ "في سبيل الله" كل عمل خيري من بناء مسجد ومدرسة ومستشفى ونحو ذلك. وقد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المساجد والإجماع هو إجماع المجتهدين.
اعلموا رحمكم الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدّ حدودا فلا تعتدوها" وكان من جملة الفرائض الزكاة على من وجبت عليه فلا يجوز للإنسان أن يتصرف بأموال الزكاة إلا فيما أذن الله له به، فالزكاة عباد الله لا يجوز صرفها إلا للأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله في القرءان من الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وهم المدينون العاجزون عن الوفاء وفي سبيل الله وهم الغزاة المتطوعون، ليس معناه كل عمل خيري وإلا لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "تؤخذ من اغنيائهم وتُرَدُّ إلى فقرائهم" لأن مطلق الأعمال الخيرية تجوز في الغني والفقير وإن كان التصدق على الفقير أفضل.
وأما ابن السبيل فهو المسافر الذي ليس معه ما يوصله إلى مقصده.
وكما لا يجوز صرف الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية كذلك لا يجوز تسليم الزكاة لصرفها على مستحقيها الا لمن هو أهل لأن تُسَلّم له، إلا لمن هو أمين على أموال المسلمين يخاف الله عز وجل ولا يضيع أموال المسلمين هنا وهناك فلا يجوز دفع الزكاة لمن هو غير أمين يضيع أموال الناس فيضعها في غير مواضعها أو يأكلها لنفسه. فمن لم يضع يا عباد الله أموال الزكاة في مواضعها وأضاعها فيما لا يجزىء شرعا لم تسقط عنه الزكاة بل تبقى في ذمّته ليُسأل عنها يوم القيامة. فأقبلوا عباد الله على العمل الذي يُرضي ربّ العباد حتى لا يذهب عملكم سُدَى ويكون هباءً منثوراً.
مواضيع ذات صلة
إصرفوا الزكاة حيث أمر الله
الحث على دفع الزكاة
بيان حُكم الزكاة في العملة الورقية
الحث على دفع الزكاة
الزكاة والأصناف الثمانية